أيها الأخوة الكرام علي أرض الوطن الحبيب
السلام عليكم ورحمة الله
لقد مر علينا الأن 57 عاماً ونحن بعيدون عن أرض الوطن، والدروس التى نتعلمها من هذه التجربة المريرة كثيرة.
أولها: أنه ما من حدث هز كيان الأمة العربية فى المشرق إلاو كانت النكبة أحد محركاتها الأساسية. لقد سقطت عروش وحدثت انقلابات وتغيرت أنظمة. وكانت النكبة فى جميع الأحوال أحد عواملها الأساسية.
وثانيها: أن اللاجئين الفلسطينين تعرضوا خلال هذه الفترة إلى خمسة حروب وعشرات الغارات وعانوا من الأضطهاد والأحتلال والتشريد مالم يعانيه شعب فى التاريخ الحديث. ولكنه لم يستسلم وبقى صامداً صابراً مصمماً على استعادة حقوقه.
وثالثها: أن مقولة " الكبار يموتون والصغار ينسون " مقولة كاذبة مثلها مثل كل المقولات الصهيونية، وأشهرها " فلسطين شعب بلا أرض". ونرى اليوم أن الشباب من الجيل الثالث للاجئين هم عماد المقاومة من رفح إلى بلاطة وما بينهما. بل إن مثلهم ممن ولدوا في أوربا وأمريكا هم اليوم عماد حركة " حق العودة " العالمية.
ورابعها: أن الغرب الذى زرع خنجر اسرائيل فى قلب الوطن العربى طالما تشدق بالديموقراطية وحقوق الأنسان، بل وكان من المؤيدين لقرار 194 على مدى نصف قرن، هذا الغرب نفسه حاول طوال هذه المدة ترسيخ أقدام اسرائيل على أرضنا المحتلة، وقدّم عشرات المشاريع للتخلص من أهل هذه الأرض، وتمويل توطينهم فى أي مكان فى العالم (من الاسكا إلى استراليا)، فى أي مكان عدا ديارهم وموطنهم.
والجديد فى الموضوع أنه انضمت إلى العدو الأسرائيلى ومساندوه من الغرب فئة ضالة من الفلسطينين تدعو، لاول مرة، إلى نفس مقولات اسرائيل بضرورة التخلص من اللاجئين – أصحاب الحق المسلوب. يأتى هؤلاء بمقولة أن العودة غير واقعية ولكن يمكن أن تتم العودة أو بعضها فى الدولة الفلسطينية – هذا إذا انشئت.
وعذر الواقعية الذى يتمسكون به هو جهل بالوقائع، وهوكذلك جريمة حرب.
إن أتفاقية جنيف الرابعة وميثاق روما لعام 1998 م يجعلان من طرد السكان أو ترحيلهم أو استعبادهم أو إحلال المحتل مكانهم جريمة حرب. فالتوطين هو تكريس لجريمة حرب. وكل من دعا إلى ذلك أو حّرض عليه أو سعى إلى تنفيذه، فقد اقترف جريمة حرب.
أما كونه جهل بالوقائع، فلماذا لا يذكر هؤلاء أن عودة اللاجئين إلى ديارهم قد تمت: فى البوسنة وكوسوفا وتيمور الشرقية، وأبخازيا وجورجيا، وغواتيمالا ورواندا وجنوب افريقيا، وأفغانستان والعراق، وستتم قريباً فى قبرص.
لماذا إذن لا تتم فى فلسطين؟
و يخدعونكم بالقول أنه فى طابا عام 2001م تم الآتفاق، أو أوشك، على أساس اعطاء اللاجئين خمسة خيارات. هذا ليس كرماً ولكنه خداع.
ذلك لان أربعة من هذه الخيارات تدعو اللاجئ إلى اختيار منفاه، فتغيير عنوان المنفى من مكان إلى آخر، لا يعتبر تحقيقاً للعودة حسب القانون الدولى. حسب القانون الدولى تتم العودة فقط إلى نفس البيت والأرض التى هُجّر منها اللاجئ.
أما الخيار الخامس وهو العودة إلى الوطن فهو خداع آخر، لان الشروط التى تضعها اسرائيل فى طريق اللاجئين تعجيزية ولا تنطبق فى أحسن الاحوال إلا على أقل من نصف فى المائة من اللاجئين. وهذا الخيار ماهو الإ إعادة تغليف لمشروع " لم الشمل " الفاشل.
أما قرار القمة العربية حول اللاجئين فى بيروت والذى تأكد فى الجزائر فهو قرار ملتبس أيضاً ومزروع بالا لغام. يدعو القرار إلى مايلي " التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين كما يتفق عليه حسب القرار 194 ".
نحن لسنا فى حاجة إلى " حل "، الحل موجود نحن فى حاجة إلى تنفيذ قرار المجتمع الدولى الذى أيد فى قراره رقم 194 عودة اللاجئين إلى ديارهم أكثر من 135 مرة.
ولسنا فى حاجة إلى مفاوضات ومحاججات لتعريف ماهية العدل فى كلمة " حل عادل ". فهذا الأمر تتقن فيه اسرائيل فن المماطلة والتسويف. وسيمطروننا بعشرات من مشاريع التوطين كما فى السابق لاقناعنا بأنها حلول عادلة.
لكن قاصمة الظهر هى فى كلمة " كما يتفق عليه " التى أضيفت الى النص. مع من؟ مع اسرائيل طبعاً، وهى التى أعلنت صراحة منذ منتصف 1948 أنها لن تقبل عودة اللاجئين بأى حال.
فكيف نتوقع من القاتل أن يعترف بجرمه؟ وكيف نتوقع من السارق أن يعيد المسروقات؟ هو يقتل ويسرق كل يوم منذ 1948. وانتظار التوبة منه والرجوع إلى الحق وهم كبير، المقصود به فقط تخدير الشعب العربى إلى أن تنكشف الحقيقة.
ولاتزال الحملات الاعلامية والاكاديمية واشباهها، المموّلة تمويلاً جيداً، تنهال علينا لإقناعنا بأن العودة مستحيلة وبعيدة المنال وأن الأفضل أن نوجه جهودنا نحو تأمين طعام لاولادنا ومأوى لهم وأوراقاً تمكنّهم من السفر إلى بلاد بعيدة، كأنما كان الوطن سلعة تباع من أجل هذا كله.
وتدعو هذه الحملات إلى تنظيم أنفسنا ورفع أصواتنا. لا لنشر عدالة قضيتناً، بل لكى نحظى بحماية المفوضية السامية للاجئين التى تؤمن لنا عملاً ومعاشاً فى مكان أخرغيرالوطن، ولكى نضغط على الدولة المضيفة لكى تمنحنا إقامة دائمة أو جنسية.
ولكن شعبنا واع ٍ لكل عمليات التخدير والإغراء والتهديد. ولن يتخلى عن حقه فى العودة وليس أمامه الإ خيار وأحد فقط.
ليس لنا الإ الصمود والتمسك بحقوقنا.
فهذه الحقوق لن تسقط ابداً بمرور الزمن ولا بالاحتلال ولا بتغير السيادة، أنها تسقط فقط إذا نحن اسقطناها بأنفسنا.
ونحن فى " مؤتمر حق العودة العالمى " قد أصدرنا توضيحاً إلى لجان المؤتمر فى فلسطين والبلاد العربية والأجنبية طالبين منهم الاستمرار فى التمسك بحق العودة.
وفيما يتعلق بفلسطين، طلبنا منهم ومن جميع الفلسطينين ضرورة التأكد قبل انتخاب أى مرشح للمجلس التشريعى أو الوطنى من إقراره كتابة الالتزام بحق العودة والعمل على إسقاط أى مشروع قرار يُقٌّدم لأى من المجلسين ينتقص من حق العودة، أو يفرغه من مضمونه، اويقايض عليه، أو يٌستفتى عليه، فالحقوق غير القابلة للتصرف لا يٌستفتى عليها أبداً.
وإننا لواثقون أن الشعب الفلسطينى الذى عاش على هذه الأرض الطاهرة أكثر من خمسة آلاف سنة وشُرّد منها لاول مرة قبل خمسين عاماً، لن يتوانى عن الدفاع عنها لخمسين سنة أخرى أو لمائة، إلى أن يعود الحق إلى أصحابه وتعود الدار إلى أهلها.
وما ضاع حق وراءه مطالب.
والسلام عليكم ورحمة الله