هناك فئة من الناس، يوصفون إحيانا بالواقعية والاعتدال، يعتقدون أن تنفيذ حق العودة شبه مستحيل، ويكتفون من الغنيمة باعتذار اسرائيل عما فعلت بهم، وبقبول تعويض معقول ينفعهم في يوم أكثر سواداً مماهم فيه. ويتساوون في ذلك مع بعض الحكومات العربية التى تسعي إلى إقفال ملف اللاجئين بشرط الحصول على تعويض مجز يعوضها عما صرفته على هؤلاء الايتام في محنتهم القاسية.
لكل هؤلاء عندي أخبار سيئة. فحتى هذا القدر المتدني من تحصيل الحقوق لا يبدو أنه ممكن الحدوث. نظمت حكومة كندا مؤخراً ورشة عمل اجتمع فيها عدد من الإسرائيليين المتخصصين وعدد قليل من الفلسطينيين انضم إليهم عدد من خبراء القانون الدولي في موضوع التعويض. وباعتبار أن هذه المجموعة غير سياسية وقادرة على النقاش والمحاججة الموضوعية، فان الفجوة التى تبين وجودها بين الطرفين كانت أكبر بكثير مما يمكن قبوله، حتى لدي أكثر الاطراف استعداداً للتسليم.
كان غرض الورشة تحديد الأساس القانوني للتعويض، ومن يستحقه، وما قيمته، وكيف يدفع، وما هو الإطار القانوني لذلك، ومن هي الجهة المنفذة وغير ذلك.
لكن من الاسهل أن ندرج هنا الاقتراحات الاسرائيلية، وهو تعبير مخفف، لان الواقع أن تلك الاقتراحات هي شروط محددة، رغم أن مقترحيها من الحمائم الذين يدعون إلى السلام، وبدونها لن تقبل اسرائيل طوعاً أي اتفاق.
أولها أن التعويض إذا حصل، فهو جزء من تسوية كاملة ونهائية لا رجعة عنها. وترجمة ذلك أن دولارا واحدا لن يدفع قبل الاعتراف بحدود جديدة ووضع القدس والمستوطنات وطبيعة الدولة الفلسطينية، وفوق ذلك لن يسمح لاى لاجيء فلسطيني بالعودة إلى بيته على أي حال.
هذا هو شرط اسرائيل، رغم أن خبراء القانون أكدوا أن التعويض حق معترف به حسب القانون الدولي وحسب القرار الشهير 194، الذى وجدوا أنه متطابق مع القانون الدولي. وطرح الخبراء ما لا يقل عن 40 حالة دولية مماثلة، استوجب فيها التعويض دون شروط لان التعويض حق قائم بذاته في حال وقوع الضرر، وهو مبني على مبدأ " إرجاع الشيء إلى أصله ".
وثاني الشروط الاسرائيلية أن الدفع يتم على مراحل يرافقها تنفيذ الشروط الاسرائيلية. فلا يتم دفع مبلغ إلا وتصاحبه دلائل على قبول الحل الاسرائيلي الكامل.ولهم في اتفاقية أوسلو، وحتى في اتفاقية واي ريفر، أسوة حسنة. فقد كانت هذه الطريقة أحسن وسيلة للتحكم في مجرى الأمور. وما هي تلك الشروط الاسرائيلية التى تواكب دفع التعويض على مراحل؟ هي إزالة المخيمات، حل منظمة الاونروا، إلغاء صفة اللاجيء القانونية، ثم إلغاء القرار 194. وهكذا فقد تفتقت العقلية الاسرائيلية عن فكرة دفع كل دولار مقابل هد كل خيمة، وإلغاء كل أسم من سجلات اللاجئين.
وثالثة الاثافي الاسرائيلية، أنها لا تستطيع دفع مبالغ التعويض، لان عليها التزامات كبيرة لايواء وتشغيل مهاجرين روس واثيوبيون جدد. ولذلك فإنها تطلب من امريكا واوربا ودول البترول (هكذا) أن تدفع هذه المبالغ نيابة عنها. وتبقي في يدها حجة الملكية لاملاك الفلسطينيين كافة، ملكاً خالصاً لاسرائيل بالمجان معترفاً به من المجتمع الدولي.
ورابع الشروط أن تكون اسرائيل جزءاً مسيطراً من الهيئة الدولية التي تتولى دفع التعويضات، بحيث يكون لها حق قبول أو رفض أي طلب، مع أنها لم تدفع شيئاً يذكر.
وخامس الشروط أن لاسرائيل حق تحديد من هو اللاجيء، وأن عليه أن يقدم وثائق الطابو الكاملة التي تعترف بها اسرائيل حتي يدرج في قائمة المستفيدين.
وسادس الشروط أن تكون قيمة التعويض مبلغاً مقطوعاً ثابتاً (وهو حد أعلي قد ينخفض) ويدفع إلى جهة واحدة يتفق عليها، بحيث لا يجوز للافراد أن يتقدموا بطلباتهم إلا إلى تلك الجهة وذلك خلال فترة زمنية محددة، يقفل بعدها باب الطلبات.
وسابع الشروط أن علي السلطة الفلسطينية واجب إلزام الفلسطينيين بقبول هذه الشروط، وذلك علي غرار القبول باتفاقية أوسلو، ومن لا يقبل يتعرض للمساءلة القانونية كعدو للسلام. (وهنا نشأت مشكلة اللاجئين الذين يحملون جنسية أخري مثل الاردنية، هذا عدا اولئك الذين يعيشون في امريكا وكندا الذين لا يخضعون للسلطة).
وثامن الشروط أن عروض اسرائيل السابقة لاغية، ومنها عرض عودة 100 ألف لاجيء عام 1950 (عددهم اليوم 500,000) والتعويض المعروض في ذلك العام بمبلغ 350 مليون جنيه استرليني.
هذا وغيره كثير، ما ينتظر اولئك الذين يعتقدون أن التعويض وسيلة مربحة وسريعة للتخلص من مشكلة اللاجئين واللجوء.
وبالطبع فإن الطرح الاسرائيلي مناقض تماماً للقانون الدولي، وليس لديه ما يسنده إلا القوة الاسرائيلية والخضوع العربي. فقد بينّ خبراء القانون الدولي الحاضرون، ومنهم من يعمل في الأمم المتحدة، أن حق التعويض حق ثابت في القانون الدولي منذ زمن بعيد، وأنه مبني علي " أن كل ضرر يقابله الالتزام بإصلاحه ". وقد أدرج هذا الحق في القانون الدولي لحقوق الانسان الذي صادقت عليه مجموعات اقليمية مختلفة منها اوربا وأمريكا، كما أنه أدرج في مؤتمر القانون الدولي الذي نظمته اللجنة الدولية للوضع القانوني للاجئين والذي عقد في القاهرة عام 1992، وصدر فيه " إعلان مباديء القانون الدولي لتعويض اللاجئين ".
وخلاصة ذلك الاعلان أنه إذا طردت دولة مواطنيها مباشرة أو غير ذلك، فإن لهم حق العودة والتعويض كلاهما. واحتجاج اسرائيل بان الفلسطينيين ليسوا مواطنين فيها غير مقبول، لانهم كانوا مواطنين على الأرض التي بسطت عليها اسرائيل سيطرتها، وأن الدولة التي تعلن السيادة علي الأرض ملزمة بواجباتها تجاه من يعيشون على هذه الأرض، ومن هذه الواجبات منحهم حق المواطنة. ويترتب على ذلك اشياء كثيرة، منها استحقاق التعويض من الدولة عن سلب المواطنة، بجانب الحق في استرجاعها. وعكس ما تطالب به اسرائيل فإن حق اللاجيء في مقاضاة اسرائيل ومطالبتها بالتعويض لا يسقط بتوقيع أي أتفاقية، فهو حق فردي مطلق ليس له حد زمني. وقد سبب هذا الرأي القانوني الدولي إزعاجاً لاسرائيل تحاول التخلص منه بالقاء حمل المسئولية علي ظهر السلطة الفلسطينية أو الدولة العربية التى توقع معها، لتحميها من مطالبات مواطنيها القانونية. ومنها ايضاً حق الدول المجاورة التى استقبلت اللاجئين علي الدولة الطاردة. وهذا يهم الاردن وسوريا ولبنان علي وجه الخصوص. إذ ينص القانون الدولي على حق الدول المجاورة في طلب التعويض من اسرائيل، إذ أنها سلبت اللاجئين مواطنتهم وأضافت عبئاً جديدا علي الدول المجاورة، والذي تحملته لاسباب انسانية. واسرائيل بذلك خرقت سيادة تلك الدول بإرغامها علي قبول لاجئين غير مواطنين فيها. ولذلك فان تلك الدول المجاورة تستحق تعويضاً منفصلاً من اسرائيل، وليس جزءاً من تعويضات اللاجئين، كما تعتقد بعض الدول العربية. كما أن الدول التى منحت اللاجئين جنسيتها مسئولة عنهم إعاشة وتعليماً وصحة بموجب عقد المواطنة المعقود بين الدولة والمواطن فيها، بدون أن يؤثر ذلك علي حقوقهم الفردية تجاه اسرائيل.
ويقول البروفسور جون كويجلي خبير القانون الدولي أن عدم حيازة المواطنة (في اسرائيل) لا تحرم اللاجيء من التعويض والعودة إلى بيته. ويضرب مثلاً علي ذلك أن أكرانيا أعادت التتار إلى مواطنهم في جزيرة القرم التى بسطت عليها أكرانيا سيادتها عام 1953، رغم أن التتار عندما طردوا من القرم كانوا يحملون جنسية الاتحاد الروسي، ولم يحملوا أبداً الجنسية الاكرانية.فالمبدأ أن المواطن مرتبط بوطنه، بغض النظر عمن يبسط السيادة عليه. واذا بسطت دولة سيادتها على أرض، فهي ملزمة بمنح سكانها المواطنة دون استثناء، ولو خرجوا، لأي سبب كان، لهم حق العودة والمواطنة.
ويضرب أيضاً أمثلة أخري على تطبيق الأمم المتحدة لهذه المباديء، منها: عودة الكامبوديين إلى ديارهم بعد انتهاء الصراع المدنى، ودعوة مجلس الأمن إلى عودة الجورجيين المطرودين من أبخازيا، وعودة الهوتو إلى رواندا بعد الحرب، وعودة المسلمين والكروات والصرب إلى ديارهم بعد اتفاقية دايتون، وعودة أهالي كوسوفا إلى ديارهم، واسترجاع اليونان القبارصة أملاكهم في قبرص التركية.
والمثال الأخير مثير للاهتمام للغاية. فقد صدر حكم يعتبر سابقة هامة للاجئين الفلسطينيين. إذ صدر حكم من المحكمة الاوربية لحقوق الانسان في 1998/7/28 في القضية التى رفعتها السيدة لويزيدو ضد تركيا، طالبة حقها في استرجاع ملك لها في قبرص التركية، وتعويضها عن عدم قدرتها علي الانتفاع به طوال مدة السيطرة التركية. وحكمت لها المحكمة بالاسترجاع والتعويض، رغم أنه لم يكن المسكن الرئيسي لها.
ومن الجدير بالذكر أن قوانين حقوق الانسان أصبحت مصدراً للتشريع في الدول الاوربية ولها أولوية في الغالب علي القوانين المحلية.
ولكن يبقي القرار الشهير رقم 194 القاضى بحق العودة والتعويض أهم مصدر للحقوق الفلسطينية، وهو في هذا موافق للقانون الدولي. وكونه قرار من الجمعية العامة، الذى تعتبر قراراتها عادة توصيات غير ملزمة، لا يقلل من أهميته، لان المجتمع الدولي أكد عليه 110 مرات على مدي خمسين عاماً، وهذا يدل بوضوح على إجماع دولي مستمر، يرقى إلى صفة الالتزام. كما أن قرار مجلس الأمن 242 نفسه يشير إلى " تسوية عادلة لقضية اللاجئين " ويترك تفسير ذلك إلى ما سبق من قرارات الأمم المتحدة. وقد تأكد ذلك مرة أخري في قرار الجمعية العامة رقم 50/84 الصادر في 1995/12/15 الذي يعيد تأكيد القرار رقم 194 ويشير في المقدمة إلى قرارى 242و 338، كما يشير ايضا إلى قرار التقسيم رقم 181. وهذا يعني أن قرار 242 المقصود به معالجة المسائل الناجمة عن حرب 1967 لا يلغي من قرارات سابقة مثل قرار العودة والتقسيم.
إذن فالحجة القانونية لصالح اللاجئين الفلسطينيين دامغة بشكل واضح. ولكن ما هي مكونات التعويض؟
يستحق اللاجئون خمسة أنواع من التعويض هي:
- الخسارة المادية الفردية وتشمل النهب والسلب والتدمير واستغلال العقار لمدة خمسين سنه ( وقد أكد على هذا الأخير قرار الأمم المتحدة رقم 52/644 الصادر في 1998/11/5 الذي أشار إلى حق اللاجئين فى عائد ممتلكاتهم منذ عام 1948).
- الخسارة المادية العامة وتشمل الطرق والمواني والمطارات والمحاجر والمياه والزيت والمعادن والثروة السمكية والشواطئ والغابات.
- الخسارة المعنوية الفردية، وتشمل المعاناة النفسية والشتات وانفصال الأسرة والتعذيب وسوء المعاملة والسجن وأعمال السخرة.
- الخسارة المعنوية العامة، وتشمل فقدان الهوية والوثائق والسجلات العامة والتطهير العرقي والطرد والمذابح.
- جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وضد السلام. وهذه مستثناة من القرار 194، لأنها تخضع لقوانين أخري ثابتة، آخرها ميثاق روما عام 1998 الذى نشأت بموجبة محكمة جرائم الحرب الدولية.
وقد قدر المختصون أن قيمة الخسائر والأضرار والممتلكات الفلسطينية اليوم بمبلغ 562 بليون دولار، وهذا لا يشمل كثيراً من البنود التى لم يمكن تقديرها بعد. لكنه يشمل قيمة الأرض والممتلكات الفلسطينية، التى لن يقبل أحد التعويض عنها، لان الوطن لا يباع.
وتبلغ مساحة الأرض اليهودية في فلسطين 1,449 كيلو متر مربعاً يضاف إليها حصة غير مقسمة تبلغ 56 كم مربعو 175 كم مربع امتيازات محدودة الأجل منحتها حكومة الانتداب. وهذا يعني أن مساحة الأرض الفلسطينية في إسرائيل 18,673 كم مربع، أو 92% من مساحة إسرائيل.
هذا هو ما تريد إسرائيل الاستحواذ عليه بصك شرعي دولي، مقابل مبالغ تافهة تدفعها الدول الأخرى عنها، وتحت شروط إسرائيلية قاسية.
وتدعي إسرائيل أنها لا تستطيع دفع مبلغ أكثر من 1 في الألف من الناتج القومي موزعاً على عشر سنوات، أي ما قيمته بليون دولار واحد كتعويضات نهائية. ولكنها لا تذكر أن ناتجها القومي وصل إلى 100 بليون دولار وفي ازدياد، وأنها استلمت تعويضات من ألمانيا عن جرائم النازية ( رغم أن إسرائيل لم تولد عندئذ )وصلت إلى 102 بليون مارك ألماني، وتتسلم من أمريكا 3 بلايين دولار سنويا مباشرة، تصل إلي 6 بليون لو أخذ في الاعتبار المساعدات غير المباشرة، وأنها تتسلم من أمريكا أيضا معونة سنوية مقدارها 80 مليون دولار لاستيعاب المهاجرين الروس، (أي أن أمريكا تدفع لكل مهاجر روسي 1500 دولار سنويا بينما تدفع 20 دولار لكل لاجيء فلسطيني). ولا تذكر إسرائيل أيضا أن منظمة استرجاع أملاك اليهود في أوربا (WJRO) قد تمكنت من استرجاع عقاراتهم وممتلكاتهم فى كل بلد أوربي، بالإضافة إلي صندوق تعويضات قيمته 1250 مليون دولار، وذلك دون صدور أي قرار دولي لصالحها، بل تحت تأثير الضغوط الأمريكية، التى يسيرّها اللوبي الصهيوني.
وقد بينّ بعض الخبراء أن إسرائيل قادرة علي دفع التعويض المطلوب، لان السلام سيعود عليها بالاستثمارات الأجنبية، مثلما تدفقت عليها الأموال بعد اتفاقية أوسلو، ونضبت عند تعثرها. كما أن السلام سيؤدي إلى زيادة الناتج القومي الإسرائيلي ما يعني أنه باستطاعة إسرائيل دفع نسبة أكبر منه على سبيل التعويضات. ورد الإسرائيليون أن على إسرائيل أعباء ثقيلة، فهي تحتاج إلى مبالغ كبيرة لاستيعاب المهاجرين الجدد ضمن خطة ترمي إلى استقدام خمسة ملايين يهودي آخر، ليصبح عدد اليهود في المنطقة عشرة ملايين !
وقد أشار بعض الخبراء أن حلول السلام سيؤدي إلي تخفيض النفقات العسكرية مما يساعد على تحويل تلك الأموال الفائضة إلى التعويضات، فرد الإسرائيليون أنهم لا يتوقعون السلام الحقيقي إلا بعد أجيال، وأن نفقاتهم العسكرية ستزيد ولا تنقص. ومع اعتراف إسرائيل بان العرب لا يمثلون تهديداً عسكرياً لإسرائيل، إلا أنها رأت أن إيران وباكستان، والعراق في المستقبل، تمثل خطراً حقيقياً بعيد المدى. والمتابع للأخبار العسكرية يري في حصول إسرائيل علي طائرات ف16، دفعت ثمنها أمريكا، وغواصات نووية، دفعت ثمنها ألمانيا، خطة واضحة لبروز إسرائيل كقوة عظمي، متحالفة مع أمريكا، ليس لإخضاع العالم العربي والإسلامي فحسب، بل ربما لمحاربة روسيا، وحتى أوربا، إذا انقلبت الموازين الغربية في المستقبل. وطائرات ف16 والغواصات النووية مقصود بها في المقام الأول السيطرة على البحر الأبيض المتوسط لمجابهة أعداء محتملين في شماله وجنوبه.
وقد عرض الإسرائيليون مرة أخري ضرورة تعويض اليهود العرب كجزء من صفقة التعويضات. ويقدرون قيمة التعويض المطلوب لهم أضعاف ما يقبلون به لتعويض الفلسطينيين، وهذا معناه أن كل لاجيء سيكون مديناً لإسرائيل بعد خسارة أرضه وبيته. وأجمع الخبراء على أن هذا الطرح ما هو إلا مراوغة واضحة. فاليهود العرب خرجوا من بلادهم لاحتلال منازل الفلسطينيين بعد طردهم، ولولم يطردوا، لما تمكن هؤلاء من احتلال بيوتهم. ولذلك فهم طرف مستفيد وليس متضرراً. ثم أن المجتمع الدولي قد أقر عودة اللاجئين وتعويضهم، ولم يصدر أي قرار مثله لليهود العرب. لكن النقطة الجوهرية أن هذا الموضوع لا يخص الفلسطينيين. واذا كان لهؤلاء اليهود مطالبات، فليتقدموا بها إلى بلادهم السابقة عربية كانت أو أجنبية.
إذن أعود فأقول إن القلة القليلة التى كانت تأمل في حفنة من الفضة لبيع الوطن، على غرار يهوذا الاسخريوطي الذى باع المسيح، سيصابون بخيبة أمل فاجعة. لكن الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني متمسكة بحقها في العودة إلى الوطن، وتطالب ايضاً بحقها في التعويض للمعاناة النفسية واستغلال الأرض والممتلكات. لكنها لا تتوقع حدوث ذلك عن طريق المفاوضات في ظروف التهالك الحاضرة.