كتابة التاريخ النكبة واللجوء
مساهمة د سلمان ابو ستة في كتاب "اعادة كتابة التاريخ الفلسطيني" تحرير حسام ابو النصر في ٢٨ مايو ٢٠٢٠
منقول من نص شفهي بتصرف
إن كتابة تاريخ النكبة، وما جاء فيه، من مغالطات والاعتماد على المراجع، الأجنبية والعربية،التي غطت تلك الحقبة،أوجدت أزمة للمؤرخ. ان وصفنا مثل 7 مليون فلسطيني لاجئ، شُرِّد من أرضه، ويعيش في الشتات، وهو الوصف الموجود معنا الآن ، أنا مثل 7 مليون فلسطيني، فقدنا الوطن، وبالتالي صرت صاحب قضية.
صاحب القضية يذهب لمحامي، والمحامي يسأله ما قصتك، وذلك الشخص لكي يقص قضيته، يصبح مؤرخاً، يجمع فيها الوثائق التاريخية، وهذا البيت لي، وهذه حياتي السابقة مع أهلي، ثم يأتي السؤال أين أرضك؟ تصبح أنت جغرافياً، تضطر لإحضار خرائط وأرقام، وكل الدلائل الجغرافية، ثم يسألك أنت بأي قانون تريد أن تسترجع حقك؟، فتصبح أنت قانونياً، وترى القانون الدولي ماذا يقول، وما الحقوق التي لك، ومن ناحية أخرى، لا أحد في العالم يعرف بهذا الموضوع فتصبح إعلامياً، وغير ذلك.
إذاً، كل فلسطيني، يكون مؤرخاً مرة، وجغرافياً مرة أخرى وقانونياً وإعلامياً ومدافعاً وفدائياً وجندياً. هذا قدرنا، هذا بالنسبة للتعريف، فنحن نلجأ لكل الوسائل، لكي نؤكد حقنا سواء كان نظرياً، أو علمياً، أو تاريخياً، أو فعلياً، أو دفاعياً، أو غير ذلك، طبعا العدو الصهيوني، شنَّ علينا عشرة أنواع من الحروب، أولها الحرب العسكرية، سيطر فيها على الأرض، لكنه بعد ذلك شن علينا حرباً تاريخية، وأنه ليس لدينا تاريخ، ثم حربا جغرافيا مسح فيها كل الجغرافيا، شنَّ علينا حرباً أثرية، دمر كل الآثار، وما هو موجود منها دعاه لنفسه، شنَّ علينا حرباً اقتصادية واغتصاب الأرض، ومقدراتها في غزة، والضفة، وحرب سياسية وأن القوى الكبري دائماً تحاربنا، وحرباً قانونية، بأنها ألغت القانون الدولي، لأنها دائماً تصوت للفيتو، في كل أدوات الأمم المتحدة، عندما تنطبق على إسرائيل جريمة حرب، فهذه الحروب كثيرة جداً يعني، ودائماً أتساءل هذه الحروب العشر، لم تكن موجودة عند الفرنسيين، عندما احتلوا الجزائر، ولا عند الإنجليز، في الهند، ولا عند الهولنديين، في جنوب إفريقيا، كانوا يكتفون بالاستيلاء على الأرض، عسكريا، وأيضاً يسيطرون على السكان، وعلى الثروات، بحيث يبقى السكان تحت السيطرة، إلخ،
لماذا هم شنوا هذه الحروب المستمرة؟، يعني لم تأخذ ثلاث،أو أربع سنوات بل 72 عاما، لأن إسرائيل، والصهيونية، خارج التاريخ، والجغرافيا، يريدون خلق شيء لا وجود له، لا في التاريخ، ولا في الجغرافيا، ولا في القانون، لذلك قد يكون علينا عبء كبير أن نثبت حقنا،
والسؤال كيف أرَّخنا للنكبة، عندما استولت إسرائيل على أرضنا، لم تستول على الأرض فقط، بل استولت على الممتلكات كلها، واستولت على تاريخنا المكتوب، يعني حكومة فلسطين، سجلات التعليم، والصحة، والمواصلات، والبنوك، والموانىء، والزراعة، وتسجيل الأراضي ومساحة الأراضي، كل هذا استولت عليه كاملاً، فخرجنا وأصبح تاريخنا أعمى وفاقداً الذاكرة، إلا ما رحم ربي، وهو تجربتنا الشخصية،
من هنا نشأت أهمية التاريخ الشفوي، وهو الموجود لدينا، ووضعنا فيه يتراوح بين الجيد، والبسيط والموثق، وما غير ذلك،
لأنه نوعان، الأول نوع إنساني، مثلاً أم علي تقول كنا نتعشى هجموا علينا اليهود، خطفت ابني، خطفت بنتي، وخرجنا وزوجها استشهد، هذا اسمه تاريخ إنساني، وهذا مهم جداً، في التعبير الفني والأفلام، والروح الإنسانية،
النوع الثاني توثيقي، يعني عندما نطلب من الشباب الذين يعملون معنا، أن يأخذوا شهادات تاريخ شفوي، نطلب منهم أن يسألوا الشخص عن المكان، والزمن، والتاريخ، والعسكر،وما لونه وما شكله، وكم عددهم، ما سلاحهم، الساعة بالتحديد، المكان، والزمان، كل هذه التوثيقات والتحقيقات كوكيل النيابة، لأنها هي المفيدة، في تسجيل التاريخ،
والسؤال الآن ماذا فعلنا منذ عام 1948م حتى الآن، في المقال الذي نشره حسام أبو النصر بعنوان "النكبة ومؤرخوها" ذكر أهم شخصيات كتبت التاريخ من أيام عارف العارف، وقسطنطين زريق، ومصطفى الدباغ، ووليد الخالدي وغيرهم، لكن بالنسبة للتاريخ الشفوي، معلوماتي وقد عقدت ندوة، في مايو 2005، في عمان، ضمت 35 باحثاً في التاريخ الشفوي، من كل البلاد العربية، وعملنا بعض الأعمال، للأسف لم نكمل لعدم وجود ميزانية،
ولكن هناك أعمال جيدة، منها مثلاً مركز التاريخ الشفوي في الجامعة الأميركية، في بيروت، وهو حصيلة 2000 ساعة تسجيل، والجميل فيها أنها استعملت التكنولوجيا الجديدة، بدأتها بفهرسة الكلمات، والأسماء في هذه الشهادات، بطريقة مثل فهرست الكتاب، يعني تستطيع أن تتعامل معها كمرجع،
بالإضافة إلى أن أهلنا لم يقصروا فكل واحد كتب عن قريته، ومرات أكثر من شخص كتبوا عن نفس القرية، فأنا لدي 250 كتاباً نسميهم"كتب القرى"، ويشرح فيها الشخص عن قريته، من ناحية تاريخية لا نستطيع القول أنها دقيقة، لكن أحترمها جداً، لأنه بدون التاريخ معلومتنا صفر، بالتالي أي معلومة هي مفيدة، رغم ما فيها من بعض المبالغات عن أهمية العائلة الفلانية وغيرها، لكن عموماً كل ما يكتب هو مهم جداً لأن البديل صفر، لذلك يجب الحفاظ عليه ونزوده،
وقد أنهيت مع بعض المساعدين 75 مقابلة من قرى جنوب فلسطين، لأن حظها كان ضعيفاً في التسجيل التاريخي، عكس مثلاً الجليل، التي تسجل كثيراً منه في لبنان، باعتباره قريباً جداً من بيروت، وكانت الثورة الفلسطينية هناك، فبالتالي تم تسجيل كثير منها،أما في جنوب فلسطين، كانت عمليات التسجيل ضعيفة، ومتفرقة، مع أن جنوب فلسطين، واللواء الجنوبي، مكون من قضائين، قضاء غزة، وقضاء بئر السبع، ومجموع الإثنين 250 قرية وأغلبها لجأ إلى قطاع غزة، ومن المؤسف والمحزن أن أراضيهم كانت تمتد إلى 50% من مساحة فلسطين، الآن محشورين في قطاع غزة، التي مساحته 1.3% من مساحة فلسطين.
عندما كنت في بريطانيا، في ستينات القرن الماضي، بحثت عن تاريخ النكبة، التي كان عمرها 10 سنوات، فقط، وكانت حية، فلجأت إلى الأرشيف البريطاني، وأيضاً،"الجمعية الجغرافية الملكية"، وغيرهم، وعندما ذهبت إلى هذه الأماكن، طلبت رؤية خرائط فلسطين، فبحثوا وقالوا لا يوجد فلسطين، كيف لا يوجد فلسطين ابحثوا جيداً! وبعد البحث جئنا بخريطة، ووضعت إصبعي على فلسطين، فقال: هذه إسرائيل، أي مسحوا كلمة فلسطين، ووضعوا إسرائيل، وهؤلاء الإنجليز الذين خرجوا من فلسطين، قبل عشر سنوات، وهم سبب كل المآسي التي حدثت لها،
ولكن لعلم للإخوة، الذين يريدون متابعة هذا الموضوع، في بريطانيا ليس هناك مكان،أو مكانين فقط، بل فيه على الأقل 15 أو 20 مكاناً موجوداً في بريطانيا، فيهم ملفات عن فلسطين، باختلاف الأسباب التي قد تكون حربية، أو تاريخية، أو سكانية،أو حتى في "جامعة أوكسفورد"، وفيه "مركز دراسات الشرق الأوسط"، أو "كامبرج" أو ما إلى ذلك، حتى (درهام) في الشمال، فالباحث الذي يريد تاريخ فلسطين في بريطانيا، عليه البحث في عشرات الأمكان،
وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى أوروبا، نجد أن المكتبة الوطنية،(بيبلوتك ناسيونتال) (Bibliothèque nationale) في باريس،أيضاً، فيها أرشيف ممتاز، وفي ميونخ أرشيف الحرب العالمية الأولى، وفيه صور ومعلومات عن فلسطين، وهناك أماكن أخرى،
واذا كنت مسجلاً كباحث يعطوك بطاقة، وتستطيع الاطلاع على (الكتلوج)، وترى ما تريد، وحسب علمي أنه عندما أريد وثيقة أطلب تصويرها، ويرسلوها بالبريد وسمعت أنه سيصبح ذلك متاحاً (دجيتال) لتقرأها فوراً، ولكن الحقيقة مثلاً متحف الحرب الألماني، في ميونخ، وقد زرته،وكنت منذ زمن أذهب عندهم، وأمكث، كذا يوم، وأشتري صورة صورة، لكن الآن كله (أون لاين)، كذلك مكتبة "الكونجرس الأميركي"، ومكتبة "الأمم المتحدة"، فيها معظم الوثائق الرسمية موجودة، وهناك بعض الأشياء مقفلة وغير متاحة.
الأرشيف الأميركي، والبريطاني عن فلسطين، فيه جواهر من المعلومات، وهي مأساوية، طبعاً، لأنه منذ عام 1947م، يقولون بكل وضوح: أن إسرائيل ستأخذ فلسطين، وستنتصر على كل الدول العربية، وأن العرب لن ينجحوا في ذلك.
وكيف عرفوا هذا الكلام، من خلال العرب أنفسهم، أنا مثلاً لدي كل وثائق الانتداب، وحتى قبل الانتداب، يتحدث السفير البريطاني في إحدى العواصم العربية،أنهم اجتمعوا في الوزارات الفلانية، وقالوا كذا، وقالوا كذا، ويوصف كل ذلك فكيف عرف!؟، يأتيه الوزير العربي بعد إنتهاء الاجتماع، ويبلغه أنه اجتمعنا فلان فلان، وهكذا، قلنا.
مثلاً، لدي وثيقة أن إسماعيل صدقي باشا كان في عامي 1946/1947م رئيساً للوزراء في مصر، فهناك وثيقة من السفير البريطاني في القاهرة، يقول أنه جاءني إسماعيل صدقي باشا، ويقول: "مستعد لعقد صفقة معكم (البريطانيين) على أن تضمنوا جلاء القوات البريطانية عن مصر، في وقت معين، وأنا أعطيكم يد حرة في فلسطين، أعطوها لليهود كما تريدون"،
وهناك قصص مخيفة، ومعلومات عن القوات العربية، والقوات الصهيونية، في كل هذه الملفات، إذاً أين العرب ليقرأوها؟، وأين كانوا؟ ولماذا لا يعرفوها؟ وأصلا أهم مصدر لبريطانيا، وأميركا المصادر العربية، فبالتالي عند قراءة هذا الأرشيف بعد زمن تتألم كثيراً، لأنهم يعرفون، والشعب لا يعرف، وربما بعض الزعماء العرب يعرفون.
الأرشيف الإسرائيلي قصته معروفة أنهم افتعلوا تاريخاً، مزيفاً، بالكامل، وأن اللاجئين هم نتيجة أن العرب، قالوا لهم أخرجوا من دياركم، ونتيجة هجوم العرب عليهم، وأنه لا يوجد مذابح إطلاقاً وكلها كذب وغير ذلك، الآن جاء المؤرخون الجدد وهم نوعان، نوع أمين، ونوع كاذب ولص، والأمين مثل (إيلان بابيه، سمحا فلابان وقد توفى)، أما إيلان بابيه فقد عانى كثيراً من كونه يتكلم بصدق وقد طرد من الجامعة التي يدرس بها ومكروه لديهم ولكن صوته وصل العالم وكافة الأرجاء،و(روجيه جارودي) كتب من ناحية تاريخ الفلسفة وليس تاريخ الوقائع، لكنه جيد وهناك كثيرا كتبوا،
أما (بني موريس) فلديه من الوقاحة وأن لديه كل الملفات الإسرائيلية ويصف فيها مذبحة وراء مذبحة، وهجوماً وراء هجوماً، وكلاماً وراء كلاماً، ثم يقول أن كل ذلك كان صدفة ولم يكن مخططاً له، وماذا يعني ذلك؟!، إذاً كان وصف الصدفة لا يتكرر فكيف هذه المجازر تكررت مع تسع ألوية إسرائيلية في 31 عملية، بنفس الأسلوب وبنفس العملية والطريقة ومعروف طبعاً أن (بن غوريون) كان مدركاً أن (محكمة نورنبرغ) كانت قبل ثلاث سنوات من فعلته في فلسطين فهو مدرك تماماً أنه قد يأتي وقت فيه محاكمة، فكان حريصاً بأن لا يترك ورقة مكتوبة عن الجرائم التي يقترفوها، وكان يبلغ ذلك بمفهوم معين وإيحاء دون التحدث بتفاصيل (إفعل ما تريد)، وعلى فكرة (ويلهام تسفاجن)المؤرخ الذي كتب عن ألمانيا النازية في كتابه عن هتلر، وهو يتحدث دفاعاً عن اليهود، وتجريماً للنازية، يقول"أن الألمان ليس لديهم ورقة تقول اقتل اليهود، فقد فهم كل الضباط أن لا مانع من قتل اليهود أينما تجدهم، وتفعل فيهم ما تريد"،
فهذا مفهوم اسمه في مفهوم المعلومات بالتفاهم الغير مكتوب، هذه صفة موجودة دائماً ليس عند الجنود والجيوش النظامية، بل صفة موجودة عند العنصريين، ومن لديهم أيديولوجية ويعملون بموجبها، وليس حرب جيش نظامي، لأن حرب الجيش النظامي تحتاج وثائق وورق، أما الحروب الأيديولوجية التي هي الحروب العنصرية، والحروب الاستعمارية والاستيطانية كلهم يعملون بطريقة تناقل المعلومات والأوامر بالمفهوم وليس بغير ذلك، نحن لا نقع فريسة أن اليهود عنصر واحد، وأنهم عقلية واحدة وثقافة واحدة، فالألماني ألماني، والفرنسي هو فرنسي، عكس ما يقولون، لا الجينات نفسها ولا اللغة نفسها ولا تاريخهم مشترك، بل حركة عنصرية نشأت ليخلقوا لأنفسهم أمة ووطناً،
بالتالي لا نستبعد أن يأتي أحد الإسرائيلين يكتب لا يوجد شعب يهودي ولا يوجد أرض إسرائيل هذا ليس بالضرورة أنه معنا،وليس بالضرورة أن ينادي بإزالة اسرائيل هو يتحدث عن وجهة نظر فإذا أخذنا بعض هؤلاء من يكتبون على أساس أن ما يكتبونه هو نابع من عقيدتهم الأكاديمية قد تكون معنا وقد تكون ضدنا، وهنا يكون تفسيرنا لهم سليماً، أما إذا اعتقدنا أنهم انقلبوا على الصهيونية وأصبحوا معنا ليس شرطاً،
يعني مثلا(أوري أفنيري)الذي يطلق على نفسه اسم نبي السلام، وزار الزعيم ياسر عرفات . تواصلت شخصيا معه على مدي عدة سنوات ثم نشرنا هذه المراسلات في (موندوايز)الجريدة الأميركية البهودية المناهضة للصهيونية وأصحابها يهود، فعندما واجهته بأسئلة مباشرة، هل أنت تؤمن بحق العودة؟، قال: لا أؤمن بحق العودة، وهل لديك مانع أن أعود لبيتي الذي هو بجانب بيتك؟ قال: لا، وكنا في باريس لحضور مؤتمر للأمم المتحدة، فقلت له: افترض الآن أنك ذهبت لشراء شقة في باريس،وجاء الفرنسي الساكن بجانبك قال لا أريد يهودي بجانبي ماذا تفعل؟، قال: نفتعل ثورة ضد العنصرية، فقلت: أنت تنكر على فرنسي أن يكون بجانبهم أجنبي، وتنكر على الفلسطيني أن يعود للبيت الذي سرق منه في قمة التناقض!!، وتم فضحه، وخرج بعدها 220 رد عليه من اليهود المناصرين لقضيتنا وقالوا هذا نبي فاسد.
هناك 6 نقاط للإجابة على سؤال ما أهمية التاريخ لنا كفلسطينيين :
اولها ان تاريخنا حي، ما معنى ذلك عندما نبحث في تاريخ الرومان والبيزنطيين وغيرهم، ونجد فيها أشياء خطأ أو صحيحة، لا تؤثر في واقع اليوم على الإطلاق. لكن نحن تاريخنا حي، يعني لو مثلاً اكتشفنا شيء، أو وثقناه في تاريخنا له واقع وله رد فعل على حاضرنا مباشرة،
بعض الأمثلة، المجازر التي ينكرها اليهود لو وثقناها بشكل كبير بأرقام وأسماء وتوثيق وغير ذلك، قد تأتي بنتيجة أمام العالم أن هؤلاء اللاجئين طردوا بسبب مجازر وبالتالي تساعد على إثبات حقوقنا وبالتالي تاريخنا حي وأصبح أداة في تغيير الحاضر والواقع، مثلاً نقول دمروا القرى سنة 1948م فنقول أن ما دمروه في الضفة، وأيضاً في غزة، عدوان 2014م، هذا سابقة للزمان، وبالتالي هو تكملة لمسيرة إجرامية يهودية، فبالتالي نربط التاريخ السابق بالحالي،
وأيضاً كلمة الغزو العربي، فاليهود دائماً يقولون قد غزانا العرب في 15/5، وبالتالي نحن كنا في حالة دفاع عن النفس، والواقع الذي نوثقه الآن وننشره أكثر، هو الغزو الصهيوني الذي بدأ قبل 3 شهور من 15/5، وفيه تم تهجير 220 قرية و11 مدينة فلسطينية على الساحل غالباً، وبالتالي أصبح اللاجئون أو نصف اللاجئين في هذه الفترة التي سبقت، وهذا يؤكد أن العدوان سبق ذلك، وكان فظيعاً والناس لا يعرفوه وأيضاً هذا تم ونحن المفروض كنا تحت حماية وإنتداب الإنجليز، الذين ساعدوهم، وكذلك قبل دخول أي جيش عربي أي أنهم لم يكونوا في حالة دفاع عن النفس وهم من بدأوا في العدوان.
ثانيا عندما نبحث في التاريخ يقولون أن قرار التقسيم لم يكن ملزماً وهو عبارة عن توصية لأن الأمم المتحدة تقول: أنه لا يوجد لدينا حق في توزيع أي بلد بين طرفين، نحن فقط ندعو للمصالحة، ويعطى لكل طرف كذا وكذا، فهو اقتراح وهو غير ملزم والنقطة الأهم من ذلك التي لا يعرفها المعظم أن قرار التقسيم ألغي في 18/3/1948 من الأمم المتحدة بقولها في قرارها تبين لنا أنه لا يمكن تنفيذ قرار التقسيم بدون سفك الدماء وكذلك أميركا وافقت على ذلك، اي انهم قالوا أننا أسقطنا قرار التقسيم وقرروا أن يضعوا فلسطين تحت الوصاية الدولية، إذاً كل هذه الحالات تثبت أن تاريخنا حي لو أثبتنا فيه الخطأ، والجريمة تنعكس على واقعنا اليوم وممكن أن تحسنه وعلى الأقل ترجع الحق إلى أصحابه.
كنا منذ البداية في عام 1964م همنا أن نتعامل مع المأساة الحية، عشرات الألوف من اللاجئين تدفقوا على سوريا ولبنان وغيرها، فالأحداث تجبرك على التعامل مع الواقع، وناس تريد أن تعيش، وبعد أن تتعايش مع الواقع تبدأ بتسجيل ما حدث، وطبعاً المرحوم أنيس الصايغ عمل مركز الأبحاث ولم يأخذ حقه ككثير من مؤرخينا وأول شيء فعلته إسرائيل سرقت الوثائق.
وكانت السياسة تشغل الثورة الفلسطينية أكثر من التوثيق لكن أيضاً في عز الثورة الفلسطينية في السبعينات قامت بعمل ممتاز الحقيقة وهو إحياء الهوية الفلسطينية، الفنان إسماعيل شموط، وتمام الأكحل وسليمان منصور، والفنون، والإبداع، وهو كان ضرورياً، ونفسر ولا نبرر أنه لم يكن النقطة الثانية في أهمية التاريخ هو دقة التوثيق كسلاح هام جداً،
وسأذكر هنا قصتين تبينان ذلك، إذا كان التوثيق مخلاً أو غير دقيق يؤدي لعكس النتيجة تماماً، في مذبحة الدوايمة أكبر مذبحة حدثت في فلسطين على الإطلاق الأرقام تقول بين 500 إلى 1000 شهيد والأقرب 500 وهي في قضاء الخليل عندما حدثت في 29 أكتوبر 1948 يوم الجمعة بعد الظهر. ما حدث أن من يتحدث باسمنا هي جامعة الدول العربية، فعبد الرحمن عزام باشا أرسل برقية إلى الأمم المتحدة أن هناك جريمة ومذبحة حدثت، فالشخص الذي أرسل البرقية كتب قضاء الجليل، ولم يعرف أنه خطأ وترجمت بالانجليزي ووصلت الأمم المتحدة فالمندوب الإسرائيلي الذي هو يمثل (جويش ايجنسي)، (فولتر إيتان)صاح وقال:"أتحداكم هذا محض من خيال مريض شرقي، وأنه لا توجد قرية تسمى الدوايمة في الجليل، وأتحداكم أن تروني إياها"
فطبعاً لو كان الناس تفهم وتعرف كان قال في خطأ مطبعي بسيط في الخليل وليس الجليل وهو يعلم أنه كذاب،
هناك قصة أخرى وجدتها في ملفات الأمم المتحدة ولم ندرسها بشكل كاف، وهي تقارير مراقبي الهدنة عام 1948م الذين كانوا يرون الجرائم، فعملوا تحقيقاً عن طيرة حيفا قمت بنشره سنة 2002م، اليهود أخذوا من تبقى من الناس في طيرة حيفا الذين كانوا كباراً في السن (وشباباً حاربوا وتركوا أو قتلوا)،أخذوهم ورموهم عند اللجون القريبة من جنين، وهناك كان في يوليو/تموز 1948م من أشعلوا فيهم النار وهم أحياء ففوجئت عندما قرأت ذلك، فكتبت عنهم بالتفصيل، وأسماء الناس، ومع ذلك أخذت من وقت الحادثة حتى سنتين أو ثلاث سنين حين بادر بعض أهالي الطيرة، وانتبهوا لذلك، وبدأوا يكتبون عنها في مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي لو عرفنا هذا الكلام في وقته كانت دقة التوقيت قد تنقذ بعض الناس.
النقطة الثالثة وقد تهم المؤرخين بالذات بجانب تسجيلهم للتاريخ عامة، التاريخ له معنى ومعناه يتغير مع الزمن مثال في عام 1997م علمت أن الصليب الأحمر فتح ملفاته للاطلاع عليها، وكان هذا ممنوعاً جداً. السبب أن اليهود هاجموهم وقال الصليب لهم أنتم غير محايدين ومن خلال ما كتبتم عن جرائم النازية ضد اليهود يجب فتح الملفات، فذهبت إلى جنيف ومكثت أسبوعاً فقلت لهم أريد ما كتبتم عن فلسطين، علماً بأنهم جاؤوا أواخر 1947م، إلى فلسطين (الصليب الأحمر) وبقوا حتى سنة 1950م ثم بعدها بشكل آخر، فذهبت وصورت 500 وثيقة،
فوجئت بمفاجآت كبيرة جداً أن الإسرائيليين أقاموا معسكرات اعتقال، وأقاموا معسكرات عمال للفلسطينيين من بقوا أحياء ما بعد المذابح حتى من سن 10و 12 سنة، وهناك شغلوهم بكسرة خبز وقليلاً من الماء في حفر خنادق، وحمل الذخيرة، ونقل المنهوب من البيوت العربية ودفن الموتى، وغيرها ومن لا يعمل يطلقون النار عليه، فكيف يحدث ذلك بعد ثلاث سنوات من إغلاق معسكرات النازية!، وذهلت من وجود هذه الأشياء وذهبت للبحث عن أناس وجدت بعضهم في فلسطين 48، وفي الضفة وفي الأردن، وفي سوريا، وفي لبنان، وعملت مقابلات مع 24 شخصاً، وهذه تمت بعد 4 أو 5 عقود مما حدث، ففوجئت أن وصفهم واحد، رغم أنهم لا يعرفون بعضهم البعض من قبل، فأذهلني السؤال كيف لم تتحدثوا عن هذا الكلام، أن هكذا حدث فينا!!
تفاجأت أنه لم يكن هناك إدراك لأهمية هذا الكلام من الناحية التاريخية وكانوا يقولون (وقد يكون معهم حق) أن همنا كان التخلص من اليهود ولا يقتلونا، فالقتل والطرد آنذاك هو أهم شيء كونه يعذبنا، هذا شيء بديهي لعدو مجرم، اليوم نعرف أن هذا اسمه جريمة حرب، ونصنفه ونسجله، وقد نشرت وثيقة في عام 2014م، ومن ضمن الأشياء التي تنزل على الموقع الإلكتروني الخاص بي، ووجدت أنها أعلى (داونلود) تنزيل، حيث 1000 شخص أنزلوها، منهم كثيراً من اليهود، وكان سؤالهم واستغرابهم أن هكذا يفعل اليهود بعد ثلاث سنوات من إغلاقها في ألمانيا!! ولدي أسماء الضباط القائمين على هذه المعسكرات والمعتقلات فوجدت أن أغلبهم يهود ألمان، فإذا أدركت أن المساكين الذين قابلتهم واعتقلوا لم يدركوا أنها جريمة حرب، وأن اليهود يعيشون عليها في الهولوكوست، ويقولون أن اليهود قادرون على كل شي رغم أنهم عانوا من الهولوكوست، ولا يوجد تصنيف لذلك وهذا مهم لمن يعمل في التاريخ.
أيضاً الموضوع القانوني للتاريخ يتغير، يعني مثلاً كانت هناك جرائم محددة بالاسم الآن أصبح لها تصنيف مثلا جريمة الاغتصاب التي كانت تعتبر من الضحايا الثانوية في الحروب الآن هناك توصيف في ميثاق روما 1998 يصنف الاغتصاب جريمة حرب، كذلك كان التخطيط للعدوان دون حرب، وكان يعتبر جريمة حرب، أي التاريخ يتغير مع الزمن ومع إدراك العالم لأهمية معنى العدالة أي معنى العدالة يتطور مع الزمن وأنتم تعرفون سنة 1945م، ظهرت الأمم المتحدة، وسنة 1948م، تأسس العهد الدولي لحقوق الإنسان الذي أصبح يقرر ماهية حقوق الانسان.
النقطة الرابعة أنه يجب اللجوء إلى الصراحة وهي مفيدة جداً، وقد تكون مؤلمة ونحن ندفنها ولا نريد التحدث فيها، فمثلاً نحن لا نتحدث في تفاصيل الاغتصاب عن اسم المرأة ومكانها، لأن ذلك ليس موجوداً في ثقافتنا ولكن عندما نريد إثبات شيء يجب أن نقوله وهناك نقطة أخرى نتجنب الحديث فيها وهي الجواسيس الذين لدينا، وهناك وثائق مكتوبة نتجنب الكلام عنها، الدول العربية عندما هزمت هزيمة شنيعة لجأت لتهمة للجواسيس والعائلات والأشخاص الذين باعوا الأراضي لكي تفسر هزيمتها النكراء.
لو عملنا تقييماً تاريخياً لكل هذه النقاط لا نجد أنها هي سبب النكبة، بل سبب النكبة أن قوة عسكرية مكونة من 120 ألف جندي هجمت على فلسطين مثل ألمانيا النازية هجمت على فرنسا واحتلتها بالقوة بمساعدة الدول الأوروبية، كل الكلام الآخر هو عبارة عن هوامش تاريخية ليس لها دور كبير.
النقطة الخامسة وهي البحث في الأرشيفات مفيد جداً حتى اليوم، وأنا عندي وثائق الانتداب البريطاني، والآن الأرشيف الأميركي، والأرشيف البريطاني، عندما تقرأها تدرك حجم قوة إسرائيل، وأميركا وبريطانيا مدركين قوتها، وأنها ستكتسح البلاد بالكامل
وفي أقل من سنة قمت مع زميل لي بنبش الأرشيف البريطاني والأميركي عن قصة كتابة قرار 194 من قِبل (الكونت برنادوت) إلى صدوره في 11/12/1948م تجد أن هذه القصة واضحة،فكانت كتابة برنادوت قوية جداً، وتقول أن هذا حق، وبعدها ماطل فيه الإنجليز والأميركان، ومازالت المراسلات موجودة، وطبعاً الأرشيف الصهيوني في كل الأشياء هذه، لكن هم الآن يرتجفون من الخوف، الآن الأرشيف الإسرائيلي أعاد التدقيق على الوثائق التي وصلت إلى (بيني موريس وإيلان بابيه) وخبؤوها بمعنى نشرت وتم إعادة سحبها.
حدث وأن قرأت ملاحظة هامشية (فوت نوت) أنه اجتمع (موشي هشاريت)مع رابين في يونية عام 1965م، أي قبل عامين من النكسة ليخططوا فيها لحرب 1967م فقال شاريت:"يا رابين لو أخذنا غزة وتدفق علينا هؤلاء اللاجئون طالبين العودة لبلادهم، فماذا نفعل؟"، فرد رابين: "أنا أعدك بأنه لدي فريق من قوات الرشاشات سيقوم بقتلهم، وعند تكوم جثث الميتين وتصل إلى 300 أو 400 سيتوقفوا عن محاولة العودة إلى دارهم"، وهذا لو عرف في حينه عند الناس فهو جريمة حرب فوراً لأنهم مدنيين، ورشهم بهذا الشكل هذه جريمة معترف بها،
وهنا أقول تعليقين الأول، عندما يقوم شباب في مسيرات العودة منذ عام 2015 بالوقوف على السلك ويحاولون الدخول ضمن مسيرات العودة،(واسمه خط الهدنة)، وهو خط مزيف وليس حقيقياً، ويلقون الحجارة ويريدون العودة لبلادهم ويطلق الاحتلال عليهم النار من القناصة معناه أنه أمر مدبر ومخطط له منذ زمن باستهداف الفلسطينيين في حال حاولوا العودة، فقلت هذه وثيقة مهمة، وقمت بمحاولة الوصول للوثيقة بالكامل وبإعطاء رقم الجلسة والتاريخ، وأنني أحتاج صورة كاملة من محضر الإجتماع فوجدت أنها سحبت من التداول، وليس فقط ما صدر سابقاً، وما كتب عن ذلك من الكُتاب الإسرائيليين،ولكي لا يلاحظوا أنه يشكل عليهم خطورة يتم سحبه بأثر رجعي وهذا ما قاله لي إيلان بابيه، وكنت أبحث عن أشياء كنت أعرفها وكانت موجودة الآن لا أجدها.
النقطة الأخيرة في أهمية التاريخ، نحن نكتب التاريخ ليس لنملأ كتباً ومجلدات و(السيكلوبيديا) بل نريد تحويله إلى قوة شعبية بالمطالبة بالحقوق كيف تصل هذه القوة الشعبية، وكيف سنخزن هذه المعلومات في عقول الشباب الذين يجب أن يدرسوا تاريخهم وثقافتهم بالكامل وأن كل هذه المعلومات يجب أن تخزن في عقولهم حتى يأتي وقت يحول فيها هذه المعلومة إلى حقيقة على أرض الواقع.
فهل نحن أقل من أن يأتوا بأولاد أميركان من أصل ألماني وبولندي ويحضروهم إلى فلسطين ويقولوا لهم هذا وطنك فقط تفرج عليه، فأولى لنا أن نقول لشبابنا هذه بلادك من يبنة والقبيبة وغيرها، فبالتالي جزء من الحرب التي تشن علينا في النقاط العشرة التي ذكرتها هو أن ينسوا هؤلاء الشباب مقررات الدراسة حتى للأسف في الضفة، ربما في غزة سلموا منها،أصبحت مهمشة فإذاً الأخوة الذين يكتبون التاريخ لا نريد لهم أن يبقوا مختبئين في بطون الكتب بل أن يكونوا مصدراً لذاكرة الشباب.
التاريخ القديم على أهميته له مكانته ولكن ليس له أي دور حقيقي في الواقع الحالي بمعنى اليهود يستغلوه ويستحضروه لأن لا حقائق لديهم واقعية، ولا قانونية،فتاريخ الواقع الحالي يبدأ من الحرب العالمية الأولى أي التاريخ المعاصر، وقصة الأهرامات وخروجهم من مصر، ونحن نعرف أن كل الآثار وكل هذا التاريخ غير حقيقي وهذه كتابات شعراء وكتابات دينية وغيرها،
نحن هنا نناقش واقع أنني وعائلتي، لنا 200 سنة في وطننا وهجرنا وبالتالي هذا هو الموضوع،
المذكرات السياسية هذا رأي سياسي لا نستطيع محاسبته من الناحية التاريخية وله الحرية في ذلك. أما عارف العارف كتب بعض الأشياء منها تاريخ بئر السبع وتاريخ غزة من الواقع الذي كان يعرفه وحدود العلم الموجود في ذلك الوقت ومعظمها جيد جداً، وهذه إضاءات وسط الظلام فالناس كانوا يعيشون ولا يعني لهم كتابة التاريخ شيئا ،فلديه مزرعة، وعمل، وشغل، أو دكان فكانت كتابة التاريخ بالنسبة له لا تعني شيئاً وليس لها علاقة بالتاريخ اليومي لكن الآن يهمنا ذلك.
أما مصطفى الدباغ فله وثيقة حقيقة ممتازة ورائعة جداً لأنها كانت مبنية على دوره كمدير للتعليم آنذاك في فلسطين وكون شيئاً مذهلاً ويتحدث عن تفاصيل مهمة في القرى ومدارسها كبيت دراس يذكر المدارس فيها وعدد الكتب وعدد الطلاب وغيرها،
ولكن السؤال يقودنا لثورة الـ 36 كل الكتابات عنها إما معاصرة أو وثائق بعيدة عن كتابة التاريخ الحقيقي لفلسطين ورأيي أن سنة 1939م نهاية الثورة هي النكبة الحقيقية لفلسطين التي قامت بها بريطانيا وبالتالي بعد 10 سنوات جائت النكبة الصهيونية ولولا النكبة البريطانية في 1939م، لما حصلت نكبة 1948 وفيها تاريخ يجب الحديث فيه ويجب أن يعرف للأسف كل الملفات العربية،إما ناقصة أو مخبأة، ولدينا القليل مثلاً في مصر عن عام 1948 لأن المهزوم يخجل أن يكتب وسيكابر ولن يكتب أنه هزم،
ولكن أكبر نقص لدينا في تاريخنا من الانتداب وما بعده هو ثورة 1936م فهذا الكتاب الذي صدر أنصح الجميع بقراءته مهما كان ثمنه (Britains pacification of palestine) ومؤلفه(ماثيو هيوز) (matthew hughes)كتاب مليء بالمعلومات في التاريخ ومن الملفات البريطانية والصهيونية، تجد أن الإنجليز تعلم اليهود منهم وكانوا يلبسوهم ملابس عسكرية، ويدربوهم على الحرب الليلية، وكل ما نعلمه اليوم عن جرائم إسرائيل هي الجرائم البريطانية مضاعفة 20 مرة، مثلاً العقاب الجماعي، وتدمير البيوت، وتجنيد العملاء.
وأختم بما يلي الإنجليز جندوا عملاء لهم وتفصيلهم موجود في الكتاب أنهم أحضروا شخصيات تعتبر معروفة وطنياً وأقنعوهم أو إقتنعوا أنهم ليسوا بحجم مواجهة الإنجليز، فقالوا دعونا نتفق ونتحدث معهم من باب الرحمة، لكي يرجعوا لنا حقوقنا ونتفاوض معهم على ذلك أما السلاح ونسف القطارات الإنجليزية هذا عمل عدائي وعمل مخرب وسيء جداً، فأنشأوا (فصائل السلام) مدفوعة الأجر من الإنجليز، وكان دورهم البحث عن الثوار وتسلميهم،
واليوم تعرفون الأمثلة المشابهة وتنادي بالتفاوض، و حسن النوايا وأننا ضد الإرهاب، وهذا ما حدث سنة 1936م، وأسماؤهم موجودة في الكتاب والعملاء موجودون بكل التفاصيل، والآن الكتاب في مرحلة الترجمة ولم نتعلم من هذه الدروس، فالأرشيف البريطاني نفسه يقول عن الناس الذين شغلهم أنهم عملاء لا فائدة منهم،أي يعطون رواتب لهم ولكن لا يحترمهم العدو، فلا يحترم الجاسوس أو العميل،
والأهم من ذلك أن نتعلم من هذه التجربة كي لا تكرر في حياة كثير من الناس، وأحداث مشابهة، وهذا درس يدل على أننا لا نقرأ التاريخ ولا نتعلم منه، وأختم بآخر توصية وهي تدريس التاريخ والجغرافيا للشباب كي تكون في عقولهم وليس فقط في صفحات الكتب، لكي يتحولوا فيما بعد لحركات وطنية تطالب بحقنا في الوطن.